السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا خلاف بين أهل العلم ان الأشتر النخعي ـ رحمه الله ـ مات مسموما بطريق القلزم وهو ذاهب لولاية مصر لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، واستعمال عليّ للأشتر لأهم الولايات وأخطرها دليل على مكانة هذا الرجل عند عليّ ، لأن عليّ من اعلم الناس بمعادن الرجال ومحال أن يستعمل قتلة عثمان رضي الله عنه ، كما زعمت بعض المصادر ( والهدف من ورائها الإساءة لعليّ) ومن أمحل الحال ان يستشير عليا قتلة عثمان في الأمور العامة للمسلمين حتى نقل ذلك ابن كثير !! فقال ـ عفا الله عنه ـ في البداية والنهاية (8/23):
ولما ولي علي بن أبي طالب الخلافة أشار عليه كثير من أمرائه ممن باشر قتل عثمان أن يعزل معاوية عن الشام ويولي عليها سهل بن حنيف فعزله فلم ينتظم عزله .ا.هـ
أما ما زعمه البعض أن الأشتر كان غير محمود السيرة فهذا فيه نظر، فقد جاء في ترجمته عند أهل العلم كما قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء (4/34) وغيره :
الأشتر * ملك العرب، مالك بن الحارث النخعي، أحد الاشراف والأبطال المذكورين.
حدث عن عمر، وخالد بن الوليد، وفقئت عينه يوم اليرموك.
وكان شهما مطاعا زعرا ، ألب على عثمان وقاتله، وكان ذا فصاحة وبلاغة.
شهد صفين مع علي، وتميز يومئذ، وكاد أن يهزم معاوية، فحمل عليه أصحاب علي لما رأوا مصاحف جند الشام على الاسنة يدعون إلى كتاب الله.
وما أمكنه مخالفة علي، ....
ولما رجع علي من موقعة صفين، جهز الأشتر واليا على ديار مصر، فمات في الطريق مسموما، فقيل: إن عبدا لعثمان عارضه، فسم له عسلا.
وقد كان علي يتبرم به، لانه كان صعب المراس، فلما بلغه نعيه قال: إنا لله، مالك، وما مالك ! وهل موجود مثل ذلك ؟ لو كان حديدا، لكان قيدا، ولو كان حجرا، لكان صلدا، على مثله فلتبك البواكي .ا.هـ
وذكر ابن الأثير في الكامل في التاريخ (1/426):
وفيها سير أبو عبيدة بن الجراح جيشاً مع ميسرة بن مسروق العبسي، فسلكوا درب بغراس من أعمال أنطاكية إلى بلاد الروم، وهو أول من سلك ذلك الدرب، فلقي جمعاً للروم معهم عرب من غسان وتنوخ وإياد يريدون اللحاق بهرقل، فأوقع بهم وقتل منهم مقتلة عظيمة، ثم لحق به مالك الأشتر النخعي مدداً من قبل أبي عبيدة وهو بأنطاكية، فسلموا وعادوا.ا.هـ
الثقات للعجلي(2/259):
( باب مالك )
1667 - مالك بن الأشتر النخعي كوفى تابعي ثقة.
وتجدر الإشارة لعدم صحة اتهام الأشتر بالمشاركة في دم عثمان رضي الله عنه أو الرضى بذلك ....
قال الحافظ ابن حجر في الفتح(13/58):
وأخرج الطبري بسند صحيح عن علقمة قال قلت للأشتر : قد كنت كارها لقتل عثمان ، فكيف قاتلت يوم الجمل؟! قال: ان هؤلاء بايعوا عليا ثم نكثوا عهده .
ثم؛...
تأمل ما يأتي جيداً
في مصنف ابن أبي شيبة (12/51):
32714- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الأَعْمَشِ , عَنْ خَيْثَمَة , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَائِشَةَ , قَالَ : قالَتْ حِينَ قُتِلَ عُثْمَان تَرَكْتُمُوهُ كَالثَّوْبِ النَّقِيِّ مِنَ الدَّنَسِ , ثُمَّ قَرَّبْتُمُوهُ فَذَبَحْتُمُوهُ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ , هلا كَانَ هَذَا قَبْلَ هَذَا , قَالَ : فَقَالَ لَهَا مَسْرُوقٌ : هَذا عَمَلك أَنْتِ كَتَبْت إِلَى أُنَاسٍ تَأْمُرِينَهُمْ بِالْخُرُوجِ , قَالَ : فَقَالَتْ عَائِشَةُ : لاَ وَالَّذِي آمَنَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَكَفَرَ بِهِ الْكَافِرُونَ , مَا كَتَبْتُ إلَيْهِمْ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ حَتَّى جَلَسْتُ مَجْلِسِي هَذَا , قَالَ الأَعْمَشُ : فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَى لِسَانِهَا.
قال ابن كثير في البداية والنهاية (7/218) :وهذا إسناد صحيح إليها.
وفي تاريخ المدينة لابن شبة (4/1224):
حدثنا أبو داود قال، حدثنا الجراج بن فليح قال، حدثنا قيس بن مسلم الجدلي، عن أم الحجاج العوفية قالت: كنت عند عائشة رضي الله عنها فدخل عليها الاشتر - وعثمان رضي الله عنه محصور - فقال: يا أم المؤمنين، ما تقولين في قتل هذا الرجل ؟ قالت: فتكلمت امرأة بينة اللسان صيتة فقالت: معاذ الله أن آمر بسفك دماء المسلمين وقتل إمامهم واستحلال حرمتهم.
فقال الاشتر: كتبتن إلينا حتى إذا قامت الحرب على ساق انسللتن منها !
قال أبو وكيع: فسمعت الاعمش يزيد في هذا الحديث: أن عائشة رضي الله عنها حلفت يومئذ بيمين ما حلف بها أحد قبلها ولا بعدها قالت: والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليكم سوداء في بيضاء حتى قعدت مقعدي هذا.
قلت (صلاح الدين ):
وهذا دليل على أنّ الكثيرين ممن ساروا إلى عثمان رضي الله عنه خدعوا وغرر بهم ، ومنهم الأشتر ....
وأخيراً....
لقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم لطائفة من أمته بالإيمان منهم مالك الأشتر والحديث أخرجه أحمد في المسند وابن حبان في صحيحه والبزار في المسند والحاكم في المستدرك والمنذري في صحيح الترغيب والترهيب وحسنه الشيخ الألباني(3314)، فروى أحمد من حديث مُجَاهِدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ ذَرٍّ قَالَتْ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا ذَرٍّ الْوَفَاةُ قَالَتْ بَكَيْتُ فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ وَمَا لِي لَا أَبْكِي وَأَنْتَ تَمُوتُ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يَدَ لِي بِدَفْنِكَ وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُكَ فَأُكَفِّنَكَ فِيهِ قَالَ فَلَا تَبْكِي وَأَبْشِرِي فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَمُوتُ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَدَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَيَصْبِرَانِ أَوْ يَحْتَسِبَانِ فَيَرِدَانِ النَّارَ أَبَدًا .
وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ يَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفَرِ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ مَاتَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ وَإِنِّي أَنَا الَّذِي أَمُوتُ بِفَلَاةٍ وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ.
وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن.
وفقكم الله تعالى .
لا خلاف بين أهل العلم ان الأشتر النخعي ـ رحمه الله ـ مات مسموما بطريق القلزم وهو ذاهب لولاية مصر لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، واستعمال عليّ للأشتر لأهم الولايات وأخطرها دليل على مكانة هذا الرجل عند عليّ ، لأن عليّ من اعلم الناس بمعادن الرجال ومحال أن يستعمل قتلة عثمان رضي الله عنه ، كما زعمت بعض المصادر ( والهدف من ورائها الإساءة لعليّ) ومن أمحل الحال ان يستشير عليا قتلة عثمان في الأمور العامة للمسلمين حتى نقل ذلك ابن كثير !! فقال ـ عفا الله عنه ـ في البداية والنهاية (8/23):
ولما ولي علي بن أبي طالب الخلافة أشار عليه كثير من أمرائه ممن باشر قتل عثمان أن يعزل معاوية عن الشام ويولي عليها سهل بن حنيف فعزله فلم ينتظم عزله .ا.هـ
أما ما زعمه البعض أن الأشتر كان غير محمود السيرة فهذا فيه نظر، فقد جاء في ترجمته عند أهل العلم كما قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء (4/34) وغيره :
الأشتر * ملك العرب، مالك بن الحارث النخعي، أحد الاشراف والأبطال المذكورين.
حدث عن عمر، وخالد بن الوليد، وفقئت عينه يوم اليرموك.
وكان شهما مطاعا زعرا ، ألب على عثمان وقاتله، وكان ذا فصاحة وبلاغة.
شهد صفين مع علي، وتميز يومئذ، وكاد أن يهزم معاوية، فحمل عليه أصحاب علي لما رأوا مصاحف جند الشام على الاسنة يدعون إلى كتاب الله.
وما أمكنه مخالفة علي، ....
ولما رجع علي من موقعة صفين، جهز الأشتر واليا على ديار مصر، فمات في الطريق مسموما، فقيل: إن عبدا لعثمان عارضه، فسم له عسلا.
وقد كان علي يتبرم به، لانه كان صعب المراس، فلما بلغه نعيه قال: إنا لله، مالك، وما مالك ! وهل موجود مثل ذلك ؟ لو كان حديدا، لكان قيدا، ولو كان حجرا، لكان صلدا، على مثله فلتبك البواكي .ا.هـ
وذكر ابن الأثير في الكامل في التاريخ (1/426):
وفيها سير أبو عبيدة بن الجراح جيشاً مع ميسرة بن مسروق العبسي، فسلكوا درب بغراس من أعمال أنطاكية إلى بلاد الروم، وهو أول من سلك ذلك الدرب، فلقي جمعاً للروم معهم عرب من غسان وتنوخ وإياد يريدون اللحاق بهرقل، فأوقع بهم وقتل منهم مقتلة عظيمة، ثم لحق به مالك الأشتر النخعي مدداً من قبل أبي عبيدة وهو بأنطاكية، فسلموا وعادوا.ا.هـ
الثقات للعجلي(2/259):
( باب مالك )
1667 - مالك بن الأشتر النخعي كوفى تابعي ثقة.
وتجدر الإشارة لعدم صحة اتهام الأشتر بالمشاركة في دم عثمان رضي الله عنه أو الرضى بذلك ....
قال الحافظ ابن حجر في الفتح(13/58):
وأخرج الطبري بسند صحيح عن علقمة قال قلت للأشتر : قد كنت كارها لقتل عثمان ، فكيف قاتلت يوم الجمل؟! قال: ان هؤلاء بايعوا عليا ثم نكثوا عهده .
ثم؛...
تأمل ما يأتي جيداً
في مصنف ابن أبي شيبة (12/51):
32714- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنِ الأَعْمَشِ , عَنْ خَيْثَمَة , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَائِشَةَ , قَالَ : قالَتْ حِينَ قُتِلَ عُثْمَان تَرَكْتُمُوهُ كَالثَّوْبِ النَّقِيِّ مِنَ الدَّنَسِ , ثُمَّ قَرَّبْتُمُوهُ فَذَبَحْتُمُوهُ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ , هلا كَانَ هَذَا قَبْلَ هَذَا , قَالَ : فَقَالَ لَهَا مَسْرُوقٌ : هَذا عَمَلك أَنْتِ كَتَبْت إِلَى أُنَاسٍ تَأْمُرِينَهُمْ بِالْخُرُوجِ , قَالَ : فَقَالَتْ عَائِشَةُ : لاَ وَالَّذِي آمَنَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَكَفَرَ بِهِ الْكَافِرُونَ , مَا كَتَبْتُ إلَيْهِمْ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ حَتَّى جَلَسْتُ مَجْلِسِي هَذَا , قَالَ الأَعْمَشُ : فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَى لِسَانِهَا.
قال ابن كثير في البداية والنهاية (7/218) :وهذا إسناد صحيح إليها.
وفي تاريخ المدينة لابن شبة (4/1224):
حدثنا أبو داود قال، حدثنا الجراج بن فليح قال، حدثنا قيس بن مسلم الجدلي، عن أم الحجاج العوفية قالت: كنت عند عائشة رضي الله عنها فدخل عليها الاشتر - وعثمان رضي الله عنه محصور - فقال: يا أم المؤمنين، ما تقولين في قتل هذا الرجل ؟ قالت: فتكلمت امرأة بينة اللسان صيتة فقالت: معاذ الله أن آمر بسفك دماء المسلمين وقتل إمامهم واستحلال حرمتهم.
فقال الاشتر: كتبتن إلينا حتى إذا قامت الحرب على ساق انسللتن منها !
قال أبو وكيع: فسمعت الاعمش يزيد في هذا الحديث: أن عائشة رضي الله عنها حلفت يومئذ بيمين ما حلف بها أحد قبلها ولا بعدها قالت: والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليكم سوداء في بيضاء حتى قعدت مقعدي هذا.
قلت (صلاح الدين ):
وهذا دليل على أنّ الكثيرين ممن ساروا إلى عثمان رضي الله عنه خدعوا وغرر بهم ، ومنهم الأشتر ....
وأخيراً....
لقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم لطائفة من أمته بالإيمان منهم مالك الأشتر والحديث أخرجه أحمد في المسند وابن حبان في صحيحه والبزار في المسند والحاكم في المستدرك والمنذري في صحيح الترغيب والترهيب وحسنه الشيخ الألباني(3314)، فروى أحمد من حديث مُجَاهِدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ ذَرٍّ قَالَتْ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا ذَرٍّ الْوَفَاةُ قَالَتْ بَكَيْتُ فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ وَمَا لِي لَا أَبْكِي وَأَنْتَ تَمُوتُ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يَدَ لِي بِدَفْنِكَ وَلَيْسَ عِنْدِي ثَوْبٌ يَسَعُكَ فَأُكَفِّنَكَ فِيهِ قَالَ فَلَا تَبْكِي وَأَبْشِرِي فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَمُوتُ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَدَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَيَصْبِرَانِ أَوْ يَحْتَسِبَانِ فَيَرِدَانِ النَّارَ أَبَدًا .
وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ يَشْهَدُهُ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَلَيْسَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفَرِ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ مَاتَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ وَإِنِّي أَنَا الَّذِي أَمُوتُ بِفَلَاةٍ وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ.
وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن.
وفقكم الله تعالى .